تاريخ موجز لعملية تسجيل الأراضي في فلسطين

تاريخ موجز لعملية تسجيل الأراضي في فلسطين

26 مارس، 2018

على الأرجح أن أي شخص على دراية بمشروع طابو قد لاحظ التركيز على حقيقة أن قطع الأراضي التابعة لشركة الاتحاد للإعمار والاستثمار مسجلة ولها سند الملكية. لماذا يتم تسليط الضوء على هذا الموضوع؟ ألا يجب أن لا يكون هذا من المعطيات؟ والحقيقة هي أنه حاليا في الأراضي الفلسطينية المحتلة عملية التسجيل ووجود سند الملكية ليست من المعطيات، في الواقع إنها على العكس تماما.

منذ احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967 ، نفذت إسرائيل مجموعة من قوانين الأراضي التمييزية التي تهدف إلى جعل تسجيل الأراضي الفلسطينية وإثبات الملكية التطوير عملية صعبة للغاية. ونتيجة لهذه السياسات، أصبحت الأراضي المتاحة للفلسطينيين نادرة، كما أن فرص شراء الأراضي التي تملك سند ملكية بأسعار معقولة نادرة للغاية، والأراضي غير المسجلة معرضة لمصادرة إسرائيل التي تستخدمها بعد ذلك لإنشاء المستوطنات وتوسيعها.

تتم مصادرة الأراضي الفلسطينية بشكل أساسي من خلال التلاعب بالقوانين الموجودة سابقا وهي مجموعة مختارة بعناية من القوانين العثمانية والبريطانية والأردنية.

طابو: نظام تسجيل الأراضي العثماني

خلال فترة فلسطين العثمانية كان يتم فرض ضريبة على كل قطعة أرض، ولهذا الغرض تم التركيز بشكل كبير على تسجيل أصحاب كل قطعة أرض وإنشاء سندات الملكية. ومع توسع عملية تسجيل الأراضي  أنشأ العثمانيون مكاتب لتسجيل الأراضي سميت ” طابو” في جميع أنحاء المنطقة. فبموجب القوانين العثمانية تم تثبيت ملكية الأراضي من خلال دفع رسوم طابو مقابل سند الملكية، ومعظم الفلسطينيين الذين يعيشون في ظل الحكم العثماني لم يسجلوا أراضيهم لأنهم لا يريدون دفع الضرائب للملوك أو السلاطين الذين يحكمونهم مثل معظم الناس على مر التاريخ. هذا الوضع أثر بشكل كبير جدا على الضفة الغربية اليوم حيث أنه لا تملك سوى أقلية من الفلسطينيين سندات ملكية مثل هذه ، حيث أن غالبية الأرض لا تزال غير مسجلة ، لكن سندات ملكية طابو تمثل الإثبات الأكثر فعالية للملكية في ظل النظام العسكري الإسرائيلي، حيث لا تعتبر إثبات الإقامة أو استخدام الأرض لعقود أدلة كافية.

عندما أسس البريطانيون فلسطين الانتدابية (1920-1948)، استلموا هذه العملية وتوسعوا فيها وشجعوا تسجيل الأراضي بشكل فردي لمعالجة الوضع المعقد الذي تركه العثمانيون، وسجلت مكاتب تسجيل طابو الأراضي تحت فئات مختلفة وفقًا لخصائصها وشكل الملكية. وفضل البريطانيون نموذج ملكية الأراضي أكثر بساطة وفردية على الرغم من أن تسمية المالكين القانونيين كان لا يزال بناء على التشريعات العثمانية.

خلال السيطرة الأردنية على الضفة الغربية (1948-1967) ، لم يتغير النظام واستمر تسجيل الأراضي باستخدام نظام طابو. وعلى الرغم من زيادة معدلات تسجيل الأراضي – فقد تمت تسوية حوالي ثلث عمليات تسجيل الأراضي بحلول عام 1967 – بقي معدل التسجيل العام منخفضا، ويعزى ذلك إلى عوامل مختلفة مثل تجنب الضرائب، لأن الأراضي غير المسجلة لم تخضع للضريبة ، وعدم وجود صلة لتسجيل الأراضي بممارسة الحقوق المتعلقة بالأرض من الناحية العملية،  ولكن هذا الواقع تغير بالكامل بعد الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية.

استخدام انتقائي للقوانين لتسهيل المصادرة

في عام 1968، أصدر القائد العسكري الإسرائيلي الأمر العسكري رقم 291  وأوقف جميع عمليات تسجيل الأراضي الجارية وحظر أي تسجيلات جديدة أخرى[1] . ومهد هذا النظام مقترنا بنظام تخطيط تمييزي الطريق أمام مصادرة كميات كبيرة من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية.

تشكل عملية “التسجيل الأول” واحدة من الاستثناءات الوحيدة للحظر الشامل على تسجيل الأراضي الجديدة ، ولكن من الناحية العملية يتعذر على معظم الفلسطينيين الوصول إلى هذا النظام. وعلى عكس عمليات التسجيل السابقة – العثمانية والبريطانية والأردنية التي تشجيعها من قبل السلطات، يتم تمويل عملية التسجيل الأول بالكامل من قبل الأفراد الراغبين في تسجيل أراضهم، وتشمل تكاليف العملية محامو كل من مقدم الطلب والإدارة المدنية الإسرائيلية ، وكذلك رسوم تبلغ 5  بالمئة من قيمة الأرض التي يتم تسجيلها.

تشمل جميع التسجيلات العثمانية خريطة تحدد موقع وحجم قطعة الأرض، ولكن يجب على أي فلسطيني يرغب في تسجيل الأراضي عن طريق نظام التسجيل الأول أن يقدم أيضًا خريطة مساح محدثة لقطعة الأرض والتي تكلف المال أيضًا. كما ينص الأمر العسكري رقم 291 على أن يقوم مالك الأرض بنشر إشعار الطلب في “صحيفتين عربيتين توزعان على نطاق واسع في المنطقة وعلى لافتة عامة في القرية التي تقع فيها قطعة الأرض.”

كل هذه المتطلبات مقترنة بالاستخدام الانتقائي لقوانين الأراضي التاريخية من قبل إسرائيل، والتي جعلت عملية تسجيل الأراضي شبه مستحيلة بالنسبة للفلسطينيين، فما يقارب 70  بالمئة من الأراضي في الضفة الغربية لا تزال غير مسجلة حتى اليوم.

وترتبط هذه المسألة ارتباطاً وثيقاً بالمصادرة ، حيث أن إعلان الأرض بأنها “شاغرة” أو “مهجورة” هو أحد الأدوات الرئيسية المستخدمة في مصادرة الأراضي الفلسطينية. وأثبتت الجهود لتسجيل الأراضي أنها واحدة من أكثر الأدوات فعالية ضد المصادرة ، وهذا هو السبب أيضًا في إصدار مشروع طابو لسندات الملكية لقطع الأراضي الخاصة به وهذه العملية هي آلية قوية لمعالجة نظام ملكية وتسجيل الأراضي المقيد بالإضافة إلى مصادرة إسرائيل المستمرة للأراضي الفلسطينية.


[1]BADIL Resource Center, Israeli Land Grab and Forced Population Transfer of Palestinians, June 2013, page 14, available at:
http://www.badil.org/phocadownload/Badil_docs/publications/handbook2013eng.pdf

المتابعة إلى المشاركة التالية

اترك تعليقك

اتصل بنا: +972 2 2974992

احجز أرضك الآن

تواصل مع المستشار الاستثماري